شخصياً, وفي حياتي اليومية, لطالما عانيتُ من مشكلة كبيرة مع الأشخاص “العباقرة” الذين يفقهون في كل شيء في الحياة. آخر هذه التجارب الحيّة من حياتي اليومية, هي مع شخصٍ في عمر الثلاثين يعمل في النِجارة ولم يتجاوز تحصيله الدراسلي الصف السادس الإبتدائي. ما اكتشفته في نقاشي معه, بأنه يحاول إقناعي بانه يفقه في هندسة الاتصالات, التي هي تخصصي الأكاديمي, أكثر مني. دار هذا الناقش بيننا عندما سألني, أنه سمع بتقنيتين في اتصالات الهاتف المحمول وأراد الإيضاح مني...
بالطبع, أنا أحترم سنه الذي يفوق سني, وتجربتة الحياتية التي قد تفوف تجربتي. وأحترم عمله أياًَ يكن. ولكن ما لا أحترمه, هو أنه لا يحترم تخصصات الآخرين! هذه مشكلة كبيرة جداً في عقلية الإنسان العربي وهي بسبب المجتمع وثقافته. نحن لا نحترمُ التخصص في أي شيء. نحن نقحم أنفسنا في تخصصات الآخرين. نحنُ ببساطة شديدة نفهمُ في كل شيء, نحنُ عباقرة!
تجد مثلاً إذا دار نقاشاً بينك وبين أحد المهندسين, أنه يحاول إقناعك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بأن معرفته وإتقانه لهذه المعرفة, يتجاوز حدود الهندسة الصحية مثلاً. بل أنك ستجده خبيراً في هندسة الكهرباء, في هندسة الاتصالات, في هندسة المعمار, في الطب النسائي, في طب الأطفال, في الأدوية المفيدة والأدوية غير المُجدية. في مرض السُكري. في زراعة البطيخ. في السياسة, في “الإفتاء الديني”, في أخطر أنواع فيروسات الكمبيوتر. هو أحد مستخدمي نظام التشغيل وندوز, ولم يسبق له أن استخدم linux مثلاً, وبالرغم من ذلك, يدخل معك في نقاشٍ حاد عن الفروقات بين Windows و linux. إذا تعطّل هاتفه المحمول, وذهب إلى فني الصيانة, فقد يتعارك معه لأنه يفقه في صيانته أكثر من ذلك الفني. ولا يسأل نفسه: إذا أستطيع صيانته بنفسي, فلِمَ الجحيم أرسلته إلى فني صيانة الهواتف المحمولة؟
حسناً. ننتقل إلى نقطة أخرى:
شخصياً, أحبُّ وأحترم الأشخاص ممن لديهم ثقافة حياتية أو فكرية أو معرفية واسعة إلى جوار تخصصاتهم الأكاديمية ووظائفهم العملية في الحياة. بل أن هذا هو الشيء المطلوب من كل شخص يسعى إلى تطوير ذاته بغض النظر عن مستواه الأكاديمي. ولكن, على تلك الفئة التي ذكرتها سابقاً أن لا تحشر أنفها الكبير في كل شيء. أن تحترم تخصصات الآخرين. أن تحترم الرتبة الأكاديمية للآخرين. هو جدَ وكدحَ كثيراً وأنفق آلاف الدولارات ليكون مهندساً, طبيباً, صيدلانياً, طياراً … الخ. هو عاني مرارة الأيام, هو عانى من سنوات الغربة الطويلة. هو قرأ عشرات الكتب.
سبق وأن كتبتُ مقالاً بعنوان “أن تكون مهندساً” وفي ذلك المقال, سردتُ عدداً من النقاط التي أرى بأن على المهندس (بغض النظر عن تخصصه الهندسي) أن يلم بها. بعضها, مطلوبٌ منه أن يتقنه كما يتقن كتابته اسمه, بعضها الآخر, مطلوبٌ منه أن يعرفها معرفةً عامة. ولكن, ليس المطلوب من المهندس أن يكون علاّمة حتى في أبسط تفاصيل الحياة اليومية!
وإذا أنتقل إلى نفطة أخرى فسأقول:
عندما كنت طالباً جامعياً, كان يزعجني كثيراً المدرس الذي إذا تسأله في غرفة الصف أو خارجها سؤالاً ما حول المادة التي يُدرِّسُك, في حين أنه لا يعرف الإجابة, فستجده قد أفتى بغير علم. من المُحال أن يقول لك “لا أعرف …” او “سأتأكد من الإجابة …” أو على الأقل أن يرشدك إلى كتابٍ ما يعتقد بأنك قد تجد الإجابة فيه.
لا يقتنع بأنه وإن حمل رتبة “الدُكتوراة” فإن هذا لا يعني أن معرفته الهندسية ستتجاوز حدود الأرض والسماء. وبأنه, وإن طال عُمره, واتسعت حدود معرفته, فسيقى تلميذاً صغيراً بين يدي الخالق!
من تجربتي الشخصية:
تخصصي الأكاديمية هو بكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والاتصالات. وفي نفس الوقت, لدي اهتمامات أدبية واسعة. وفي رحلة ضَوْء , أشارككم بخبرتي التقنية الطويلة التي صرفتُ عليها مئات الدولارات ومئات الساعات, تلك الخبرة أو المعرفة التي لم أحصل عليها على طبقٍ من ذهب. ولا أزال, وفي كل لحظة, أتعلم شيئاً جديداً. حتى من قرّاء رحلة ضَوْء, فهم يعلمونني الكثير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أو لأقل بطريقة أخرى: أحاول أن أتعلم منهم! وإذا يسألني أحد القرّاء عن شيءٍ تقني ما, بكل بساطة سأقول “لا أعرف” إذا كنت لا أعرف. سأعتذر منه …
إذا كان بوسعي أن أدله على مصدرٍ آخر فسأدله, وإن لم يكن بوسعي … فلا حول ولا قوة إلا بالله … برغم هذه الاهتممات الثلاثة:
•الهندسة.
•الأدب.
•التقنية.
إلا أنني أعرف حدودي جيداً ولا أتجاوزها. المعنى: لا أحشر أنفي فيما لا أعرف عنه. في بقية الموضوعات الأخرى خارج هذه الاهتمامات الثلاثة, أقرأ الكثير وأتعلم الكثير ولكن لا يمكنني أن أقول بانني أصبحتُ مختصاً فيما قرأت عنه! أرجع فيه لمن هو أفضل مني للاستفادة من تجربته: إما بالقراءة, أو بالسؤال المباشر …
في عالم تطوير المواقع مثلاً, تجد المطورين الأجانب, لديهم اختصاص في شركاتهم; فمثلاً, ثمة مصممٌ مختصٌ في تصميم الأزرار. وآخر في التصميم العام. وأخر في البرمجة. بكلمات أخرى, ثمة فريق عمل مختص ليخرج شيئاً ما. في عالمنا العربي ثمة فريق عمل مكون من شخص واحد يدير الدنيا بأكملها!
بعد هذه الدردشة الطويلة, سأجيب على السؤال: كيف تتغلب على مشكلة التعامل مع الأشخاص الذين يفقهون في كل شيء؟
الجواب هو بسيطٌ ومختصرٌ للغاية. الجواب هو من تجربتي الشخصية. هو ما أراحني من كل هذا الغثاء أعلاه: لا تدخل في أي نقاش مع تلك الفئة من الناس! درِّب نفسك جيداً على ذلك, وستفلح في هذا!
لماذا اكتشفت هذا مؤخراً؟ لأنني كنت أعتقد بأنه بمقدرتي أن أفتح محلاً لصيانة تلك العقليات الصدئة! أعتقدت بأنه بمقدوري تغيير الأرض لتكون أفضل مكانٍ للحياة! وأخيراً, أدركتُ بأن راحتي النفسية هي الأهم …
كلمة أخيراً:
•يجب أن تُفرّق جيداً بين هذه الفئة البائسة من الناس والفئة التي تحترم تخصصك وتخصصات الآخرين ولا تحشر أنفها في كل شيء. يجب أن لا تظلم أحداً.
•قدِّم المساعدة لكل من يحتاج إليها, ولا تبخل على أحد. تذكر أنك في يومٍ ما ستغادر هذا الطريق الذي مشيته إلى السماء. ولكن, لا ينبغي أن يكون هذا على حساب راحتك. فحتى تعطي الآخرين, يجب أن تكون لديك بنية نفسية جيدة قادرة على مساعدة وإسعاد الآخرين.
•تجنب أية مناقشات قد تعكر من صفوك وتنعكس سلباً على دراستك, عملك, بيتك أو أسرتك.
•لا ترتكب خطأي الفادِح: ليس بمقدورك تغيير الكون; ولكن بمقدورك التأثير عليه إيجابياً بتغيير ننفسك أولاً, بهذا سيقتدي بك الآخرين, أو قد يقلدوك في نهجك وأسلوبك …
•الحُبُّ هو المخلوق الساحر القادر على تغيير العالم. حتى عند الحديث عن “الإيمان” فإنني أرى أن الإيمان يتفجّر من حُبّي لخالقي … أنثر الحب في طريقك الطويل ما حييت, فهو القادر على التأثير في قلوب وعقليات تلك الفئة من الناس.
بالطبع, أنا أحترم سنه الذي يفوق سني, وتجربتة الحياتية التي قد تفوف تجربتي. وأحترم عمله أياًَ يكن. ولكن ما لا أحترمه, هو أنه لا يحترم تخصصات الآخرين! هذه مشكلة كبيرة جداً في عقلية الإنسان العربي وهي بسبب المجتمع وثقافته. نحن لا نحترمُ التخصص في أي شيء. نحن نقحم أنفسنا في تخصصات الآخرين. نحنُ ببساطة شديدة نفهمُ في كل شيء, نحنُ عباقرة!
تجد مثلاً إذا دار نقاشاً بينك وبين أحد المهندسين, أنه يحاول إقناعك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بأن معرفته وإتقانه لهذه المعرفة, يتجاوز حدود الهندسة الصحية مثلاً. بل أنك ستجده خبيراً في هندسة الكهرباء, في هندسة الاتصالات, في هندسة المعمار, في الطب النسائي, في طب الأطفال, في الأدوية المفيدة والأدوية غير المُجدية. في مرض السُكري. في زراعة البطيخ. في السياسة, في “الإفتاء الديني”, في أخطر أنواع فيروسات الكمبيوتر. هو أحد مستخدمي نظام التشغيل وندوز, ولم يسبق له أن استخدم linux مثلاً, وبالرغم من ذلك, يدخل معك في نقاشٍ حاد عن الفروقات بين Windows و linux. إذا تعطّل هاتفه المحمول, وذهب إلى فني الصيانة, فقد يتعارك معه لأنه يفقه في صيانته أكثر من ذلك الفني. ولا يسأل نفسه: إذا أستطيع صيانته بنفسي, فلِمَ الجحيم أرسلته إلى فني صيانة الهواتف المحمولة؟
حسناً. ننتقل إلى نقطة أخرى:
شخصياً, أحبُّ وأحترم الأشخاص ممن لديهم ثقافة حياتية أو فكرية أو معرفية واسعة إلى جوار تخصصاتهم الأكاديمية ووظائفهم العملية في الحياة. بل أن هذا هو الشيء المطلوب من كل شخص يسعى إلى تطوير ذاته بغض النظر عن مستواه الأكاديمي. ولكن, على تلك الفئة التي ذكرتها سابقاً أن لا تحشر أنفها الكبير في كل شيء. أن تحترم تخصصات الآخرين. أن تحترم الرتبة الأكاديمية للآخرين. هو جدَ وكدحَ كثيراً وأنفق آلاف الدولارات ليكون مهندساً, طبيباً, صيدلانياً, طياراً … الخ. هو عاني مرارة الأيام, هو عانى من سنوات الغربة الطويلة. هو قرأ عشرات الكتب.
سبق وأن كتبتُ مقالاً بعنوان “أن تكون مهندساً” وفي ذلك المقال, سردتُ عدداً من النقاط التي أرى بأن على المهندس (بغض النظر عن تخصصه الهندسي) أن يلم بها. بعضها, مطلوبٌ منه أن يتقنه كما يتقن كتابته اسمه, بعضها الآخر, مطلوبٌ منه أن يعرفها معرفةً عامة. ولكن, ليس المطلوب من المهندس أن يكون علاّمة حتى في أبسط تفاصيل الحياة اليومية!
وإذا أنتقل إلى نفطة أخرى فسأقول:
عندما كنت طالباً جامعياً, كان يزعجني كثيراً المدرس الذي إذا تسأله في غرفة الصف أو خارجها سؤالاً ما حول المادة التي يُدرِّسُك, في حين أنه لا يعرف الإجابة, فستجده قد أفتى بغير علم. من المُحال أن يقول لك “لا أعرف …” او “سأتأكد من الإجابة …” أو على الأقل أن يرشدك إلى كتابٍ ما يعتقد بأنك قد تجد الإجابة فيه.
لا يقتنع بأنه وإن حمل رتبة “الدُكتوراة” فإن هذا لا يعني أن معرفته الهندسية ستتجاوز حدود الأرض والسماء. وبأنه, وإن طال عُمره, واتسعت حدود معرفته, فسيقى تلميذاً صغيراً بين يدي الخالق!
من تجربتي الشخصية:
تخصصي الأكاديمية هو بكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والاتصالات. وفي نفس الوقت, لدي اهتمامات أدبية واسعة. وفي رحلة ضَوْء , أشارككم بخبرتي التقنية الطويلة التي صرفتُ عليها مئات الدولارات ومئات الساعات, تلك الخبرة أو المعرفة التي لم أحصل عليها على طبقٍ من ذهب. ولا أزال, وفي كل لحظة, أتعلم شيئاً جديداً. حتى من قرّاء رحلة ضَوْء, فهم يعلمونني الكثير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. أو لأقل بطريقة أخرى: أحاول أن أتعلم منهم! وإذا يسألني أحد القرّاء عن شيءٍ تقني ما, بكل بساطة سأقول “لا أعرف” إذا كنت لا أعرف. سأعتذر منه …
إذا كان بوسعي أن أدله على مصدرٍ آخر فسأدله, وإن لم يكن بوسعي … فلا حول ولا قوة إلا بالله … برغم هذه الاهتممات الثلاثة:
•الهندسة.
•الأدب.
•التقنية.
إلا أنني أعرف حدودي جيداً ولا أتجاوزها. المعنى: لا أحشر أنفي فيما لا أعرف عنه. في بقية الموضوعات الأخرى خارج هذه الاهتمامات الثلاثة, أقرأ الكثير وأتعلم الكثير ولكن لا يمكنني أن أقول بانني أصبحتُ مختصاً فيما قرأت عنه! أرجع فيه لمن هو أفضل مني للاستفادة من تجربته: إما بالقراءة, أو بالسؤال المباشر …
في عالم تطوير المواقع مثلاً, تجد المطورين الأجانب, لديهم اختصاص في شركاتهم; فمثلاً, ثمة مصممٌ مختصٌ في تصميم الأزرار. وآخر في التصميم العام. وأخر في البرمجة. بكلمات أخرى, ثمة فريق عمل مختص ليخرج شيئاً ما. في عالمنا العربي ثمة فريق عمل مكون من شخص واحد يدير الدنيا بأكملها!
بعد هذه الدردشة الطويلة, سأجيب على السؤال: كيف تتغلب على مشكلة التعامل مع الأشخاص الذين يفقهون في كل شيء؟
الجواب هو بسيطٌ ومختصرٌ للغاية. الجواب هو من تجربتي الشخصية. هو ما أراحني من كل هذا الغثاء أعلاه: لا تدخل في أي نقاش مع تلك الفئة من الناس! درِّب نفسك جيداً على ذلك, وستفلح في هذا!
لماذا اكتشفت هذا مؤخراً؟ لأنني كنت أعتقد بأنه بمقدرتي أن أفتح محلاً لصيانة تلك العقليات الصدئة! أعتقدت بأنه بمقدوري تغيير الأرض لتكون أفضل مكانٍ للحياة! وأخيراً, أدركتُ بأن راحتي النفسية هي الأهم …
كلمة أخيراً:
•يجب أن تُفرّق جيداً بين هذه الفئة البائسة من الناس والفئة التي تحترم تخصصك وتخصصات الآخرين ولا تحشر أنفها في كل شيء. يجب أن لا تظلم أحداً.
•قدِّم المساعدة لكل من يحتاج إليها, ولا تبخل على أحد. تذكر أنك في يومٍ ما ستغادر هذا الطريق الذي مشيته إلى السماء. ولكن, لا ينبغي أن يكون هذا على حساب راحتك. فحتى تعطي الآخرين, يجب أن تكون لديك بنية نفسية جيدة قادرة على مساعدة وإسعاد الآخرين.
•تجنب أية مناقشات قد تعكر من صفوك وتنعكس سلباً على دراستك, عملك, بيتك أو أسرتك.
•لا ترتكب خطأي الفادِح: ليس بمقدورك تغيير الكون; ولكن بمقدورك التأثير عليه إيجابياً بتغيير ننفسك أولاً, بهذا سيقتدي بك الآخرين, أو قد يقلدوك في نهجك وأسلوبك …
•الحُبُّ هو المخلوق الساحر القادر على تغيير العالم. حتى عند الحديث عن “الإيمان” فإنني أرى أن الإيمان يتفجّر من حُبّي لخالقي … أنثر الحب في طريقك الطويل ما حييت, فهو القادر على التأثير في قلوب وعقليات تلك الفئة من الناس.