سلسلة اصنع نجاحك 9 .. ابدأ قصة نجاحك


مصطفى كُريِّم
(يجب أن تكون واضحًا تمامًا في إتجاه هدفك، وكن مرنًا في طريقة تحقيقه)
بريان تراسي
عندما تحدد هدفًا، فلابد أن تكون قادرًا على معرفة مصلحتك منه بوضوح؛ لأن الحياة لا مجال فيها لإضاعة الوقت في ما لا مصلحة فيه، فإذا لم يكن في هدف حددته أو رغبة دونتها مصلحة لك، فاشطبه من قائمة الأهداف، واعلم أنه لا طائل من بقائه أبدًا، بل إنه قد يكون على حساب أهداف أخرى أكثر جدوى وأكبر فائدة...

نفسك أولًا:
لا تنشغل بالعمل للآخرين، فمن أهم مقومات النجاح، أن تقود أنت سفينة حياتك، وأن لا تهتم لما يريده الآخرون؛ لكي تفهم نفسك وتشعر بطعم حياتك، فلابد أن تسأل نفسك هذا السؤال: هل أعيش حياتي لنفسي أم للناس؟
قد يكون هناك صعوبة في الإجابة على هذا السؤال، وقد تقول في نفسك: أنا أعيش لنفسي، ولكن هناك من الناس من أعيش لهم أيضًا، ولكن الحقيقة كما أراها أنك إن كنت تعيش لنفسك، فإن ما حولك يجب أن يأتي في المرتبة التالية، نعم يأتي في المرتبة التالية، ليس من باب الأنانية وحب الذات، ولكن لأن من لا خير فيه لنفسه، فلا خير فيه للناس.
كن أنت القائد:
نعم إذا كنت مسئولًا عن غيرك (وهو الحال في معظم الناس)، فإن نجاحك سيفيد كل من حولك، كما أن فشلك وغرقك في أوحال القلق والاكتئاب، قد يُغرق كل من حولك، إذا لم تهتم بحياتك وصحتك ومستقبلك، وما فيه صلاح دينك ودنياك، فلن تكون قادرًا على إصلاح شأن غيرك من أبنائك أو أهلك أو مجتمعك.
فهل تريد أن تكون أنت قائد هذه الرحلة، أم تريد أن تكون أحد المشاركين فيها فقط؟
اتخذ قرارك بسرعة:
قبل أن يأخذ التغيير الفعال مكانه، لابد أن تكون مستعدًا لتحمل مسؤولية موقفك الجديد، وما يترتب عليه من قرارات تقوم بإتخاذها، ما دمت تثق في نفسك وتؤمن بنجاحك.
أنت الآن، الوحيد الذي تتحكم في حياتك، ولن يكون بإمكانك الاستمتاع بالنجاحات القادمة، إذا ما لعبت دور الضحية، واكتفيت بالاستسلام السلبي للأحداث.
ولا تتوقع أن تكون كل القرارات سهلة وبسيطة، فهناك مشكلات لا علاج لها إلا بالبتر، رغم أنه مؤلم، وهناك قرارات مهمة لابد من إتخاذها، مهما كانت صعبة، ومهما أغضبت من حولك.
إذا سقطت فكرر المحاولة:
(النجاح ـ على وجه العموم ـ يعني فرصة للتجربة، ومعرفة أقصى قدرة للقوى الموجودة بداخلنا)
ديفيد سارنوف
لا تتعجب أن تفشل مرة، ومرتين، وثلاث، أو أكثر، فالخطأ قد يكون هو طريق النجاح، وهذه هي النظرة الواقعية للحياة، فأنت قد وقعت عشرات المرات على الأرض قبل أن تتعلم المشي، وقد تكون أخطأت عدة مرات عند تعلمك قيادة سيارتك، وغير ذلك من الأشياء الأخرى.
فإنك لم تنجح في كل ذلك، إلا عندما تحملت مسؤولية خطئك، وسعيت للتعلم منه لتصحيح مسارك.
لكن ما هو واقع حالك الآن؟ هل أنت الذي تتخذ قراراتك بنفسك، أم أنك تسعى لإرضاء الآخرين؟ هل أنت مستعد للتمسك بأهدافك؟ أم أنك قد تجامل، حتى على حساب مصالحك؟
ليس المهم أن لا تفشل، ولكن المهم أن تنهض ثانيةً من كبوتك، وتقف على رجليك، وتتعلم من هذا الفشل، وأن تجعل منه فرصة جديدة لبداية ذكية.
كن على ثقة أنك لن تنتهي عندما تخسر، فلا أحد يملك ضمانات بعدم الخسارة، أو صكوكًا بالنجاح، ولكن ستخسر فقط عندما تنسحب من المنافسة في الحياة، وترضى بالفشل.
انهض بمسئوليتك:
شعورك بالمسؤولية إثراء لأبعاد الشخصية، فبقدر ما تأخذ من وقتك وجهدك، فإنها تعطيك عقلًا أنضج، وقدرة على التحمل أكبر، وتجربة أغنى، ومعرفة أوسع، والفرق بين من يشعر بمسؤوليته تجاه نفسه ومن حوله، ومن يقضي حياته في عمل غير مفيد، أو عمل غير منظم، أو روتين قاتل، أن الأول يتحول بتحمله لأعباء المسؤولية إلى إنسان هادف، لا ينطلق ولا يتحرك إلا نحو هدف منظور، بينما يتحرك الثاني في كل إتجاه حسب هواه فلا يحقق إلا الخسارة في الدنيا والآخرة.
نظرية باريتو:
من المفيد هنا، أن تتعرف على نظرية باريتو عالم الاقتصاد الإيطالي، الذي عاش في القرن التاسع عشر، والتي تقول أن 80% من النتائج تأتي من 20% من الأعمال، أو الأهداف، أو الأنشطة التي نقوم بها.
ولعلك بنظرة بسيطة، ترى واقعية هذه النظرية في الحياة؛ حيث ترى أن 80% من إيرادات متجر ما تأتي من 20% من مبيعاته، وأن 80% من إنتاجية مكتب ما، تأتي من 20% من موظفيه.
وبتطبيقك لهذه النظرية، ينبغي أن تكون ناجحًا وراضيًا عن نفسك بنسبة 80%، إن حققت 20% من أهدافك، ولا تُلزِم نفسك بالنجاح، أو الرضا عن النفس بنسبة 100% كما لا تُلزم نفسك بتحقيق 100% من أهدافك.
إن الذكاء هنا هو أن تتعرف على الأهداف، التي تحقق لك نسبة أكبر من الرضا؛ لذلك أقول لك عد إلى سؤالك رقم 3 (ما هي أولوياتك؟)، وأعد صياغة هذه الأولويات جيدًا.
لا تطلب الكمال:
طبق نظرية باريتو، ولا تطلب من نفسك كمالًا غير ممكن للبشر، كل الخطط قد تفشل، مهما كانت محكمة ومدروسة، بل إن من أهم أسباب فشل الخطط، عدم مراعاة المرونة في تطبيقها، وعدم ترك فرصة للمفاجآت، أو التحولات، أو حتى أوقات للراحة.
طلب الكمال فيه عدة مشاكل؛ لأنك لن تشرع في أمر، حتى تتأكد من نجاحه، وهذا مستحيل؛ فكل ما في الحياة أمر نسبي، وإن شرعت في عمل، فلن ترضى بغير كماله، وهذا مستحيل أيضًا؛ فالعمل البشري مبني على النقص، وستقف حائرًا متهيبًا من كثير من المهام؛ بسبب خوفك من الفشل؛ لأنك ترى كل نجاح دون الكمال نوعًا من الفشل، حسب معاييرك غير الواقعية.
إذا واجهتك مشكلة ما، جرّب أن تفعل شيئًا مختلفًا:
يُحكَى أن ملاحي الفضاء واجهتهم مشكلة، وهي أن الأقلام لا تكتب عند خروجهم من نطاق الجاذبية الأرضية، فأقام الأمريكان مركزًا للأبحاث ودراسة الموضوع، وصنعوا قلمًا يكتب في الفضاء وتحت الماء وعلى الأسطح، بعد أن أنفقوا عليه ملايين الدولارات، وقد كان إنجازًا يدعو للفخر، لكن رواد الفضاء الروس حلوا المشكلة بطريقة مبتكرة وسهلة، لم تخطر على بال الباحثين الأمريكيين العظماء، وهي أنهم استعملوا القلم الرصاص.
يا له من حل سهل، لم يكلف أي قدر من الجهد، أو المال، أرأيت أن حل الكثير من المشكلات قد يكون أسهل مما نتصور؟
استعد لبعض العقبات:
يخطيء من يعتقد أن الحياة مفروشة بالورود، ولكن عندما يسيطر الإحباط وسوء الظن على التفكير، فلن يوجد في الحياة إلا الإحباط والفشل، والفرق بين الناجح وغيره، هو أن الأول يملك مشروعًا لحياته ويرى النجاحات، بينما لا يملك الآخر إلا الوعود والآمال، ولا يرى إلا المعاناة.
فكم مرة قررت أن تقوم بتغيير في حياتك، ثم بدأت، ولكنك تخاذلت تدريجيًا، ثم توقفت ولم تفعل شيئًا، وعدت لما كنت عليه؟
حصل ذلك عدة مرات؟
لا تقلق فأنت لست وحدك، والحقيقة أن الأمور لابد أن تسير هكذا، فمن الطبيعي أن تبحث النفس عن الطريق السهل، وهو ما تعودت عليه.
التفكير وحده لا يكفي لتغيير العادات المتأصلة، بل لابد من المحاولة والتدريب وتريض النفس، وهذا لا يعني بالطبع أنك لابد أن ترهق نفسك وتسيء لها، فالطريقة المثلى لتغيير العادات، هي أن تستمتع بهذا التغيير ما أمكن.
فالصعوبة تكمن فقط في أن تجعل نفسك تتذوق طعم النجاح، إذا استطعت ذلك فدع الباقي لنفسك.
فالذي يكسب مليونًا في السنة لا يعمل 1000 مرة، أكثر من الذي يكسب ألفًا في السنة؛ لأن الجهد وحده لا يكفي، بل لابد من العمل السليم، الذي يجمع بين المتعة والعمل؛ ليتحقق النجاح الممتع.
النجاح رحلة تنطلق من الأمل إلى الهدف، أما مهمتك فهي أن تجعل منها رحلة ممتعة؛ لكي ترغب في تكرارها.
راجع نفسك كل ليلة:
من العادات الجيدة، أن تحدد لنفسك نصف ساعة في اليوم، تراجع فيها خريطتك، وما حققته خلال يومك وتضع فيه خطة  مستقبلك، هذه العادة البسيطة تفيدك في السيطرة على وقتك، وتوجيه مسيرة جهدك بالاتجاه الصحيح، الذي يخدم أهدافك.
وأخيرًا:
أختم بقول لويس ماي ألكوت: (طموحاتي الكبرى بعيدة جدًا مثل الشمس، قد لا أستطيع الوصول إليها، ولكن يمكنني النظر لأعلى لرؤية جمالها، والإيمان بها، ومحاولة السعي وراءها إلى حيث تقودني).
أهم المراجع:
1.   صناعة النجاح، عبد الله بن سلطان السبيعي.
2.   الالتزام بالامتياز، كاترين كاريفلاس.
3.   الإنجاز الشخصي، بريان تراسي.
4.   سحر التحفيز، كاترين كاريفلاس.