سلسلة اختيار التخصص (الحلقة الثانية): عن ماذا تبحث؟


تحدثنا في الحلقة السابقة عن أنواع القرارات، وصنفنا اختيار التخصص كأحد أهم القرارات التي قد تتخذها في حياتك. من النقاط التي استعرضناها في ذلك المقال، يتضح لنا أهمية البحث والتفكير قبل أن التتخصص. مسألة البحث وجمع المعلومات حول التخصص ونقاط القوة والضعف قد تكون فضفاضة لحد ما. وبالتالي أحببت أن أفرد لمسألة البحث مقالاً من هذه السلسلة. فكرة هذا المقال تتركز على أن التخصصات تختلف أو تتشابه فيما بينها من عدة نواحي، ولعل أهمها التالي: ...

  • المواد الدراسية.
  • نظام الجامعات.
  • فرص العمل.
هذه الإختلافات والتشابهات ستفيدك في العثور على التخصص الذي يتناسب بقدر كبير مع شخصيتك، وطموحك في المستقبل. من المهم أن تبقي في ذهنك أنك غالباً لن تجد تخصص يتطابق مع ميولك أو يعجبك بدرجة 100%. وهذه طبيعة كل الأشياء من حولنا، في الأصدقاء وفي الأدوات التي تمتلكها. المتميز من يكتشف العيوب والمميزات بسرعة، ويرى إن كانت المميزات تستحق الصبر أو التعايش مع العيوب. وأيضاً، تذكر بأن مقارنة العيوب والمميزات هي مسألة شخصية، فما أراه ميزة قد يكون عيباً في نظرك والعكس.
والآن كيف ننظر للإختلافات والتشابهات في التخصصات، إنطلاقاً من النقاط الثلاث الذي ذكرتها في بداية هذا المقال؟

المواد الدراسية

لتحصل على الدرجة الأكاديمية في تخصص ما، يجب أن تكمل عدد من المواد الدراسية. هذه المواد يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:
  • مواد دراسية عامة لجميع طلاب الكلية، مثلاً جميع طلاب الهندسة يدرسون مبادئ الرياضيات والفيزياء والكيمياء.
  • مواد دراسية لطلاب التخصص، مثلاً جميع طلاب تخصص الهندسة الكهربائية يدرسون الدوائر الكهربائية والمولدات الكهربائية.
  • مواد اختيارية لجميع الطلاب، مثلاً جميع طلاب الجامعة يدرسون اللغة العربية والرياضة.
أثناء بحثك الأولي، والذي من خلاله ستحدد المجال العام للتخصص أنظر إلى المواد الدراسية العامة وتعرف عليها. بمعنى آخر، قارن بين المواد الدراسية للسنة الأولى لطلاب الهندسة، الإدارة، الطب، الفنون، العلوم الإنسانية، الكمبيوتر. سيفيدك هذا في تقليص عدد خياراتك، مثلاً قد تجد أنك لا تحب أو لا تجيد مواد الإجتماع فتستبعد مجال العلوم الإنسانية، وأيضاً ربما أنك لا تحب التعامل مع الكمبيوتر فتستبعد مجاله وهكذا.
بعد استبعادك للمجالات الغير مناسبة لك سيكون لديك تصور جيد عن المجالات التي قد تتخصص فيها، هنا يجب أن تبدأ بالنظر في المواد الدراسية للتخصص، ومن خلالها ستتعرف على ما الذي ستتعلمه عند تخرجك من هذا التخصص، ومدى مناسبة هذا التخصص لميولك وقدراتك الشخصية.
أما المواد الإختيارية فهي ثانوية ولا تركز تفكيرك عليها الآن.
تذكر أن هناك تخصصات من مجالات مختلفة ولكنها متقاربة، قد يكون تفكيرك فيها جيداً خصوصاً وإن كان لديك الميول لمجال تخصص، ولكن المواد الدراسية لا تناسبك. فمثلاً، قد تحب العمل في المستشفيات ولكنك لاتجد في نفسك الحب أو القدرة على دراسة الطب، يمكنك أخذ مسار الإدارة الطبية وهكذا.

نظام الجامعات

يمكننا تقسيم نظام الجامعات إلى قسمين رئيسين:
  • نظام الدراسة الأمريكي.
  • نظام الدراسة البريطاني.
نظام الدراسة الأمريكي وهو المعمول به في المملكة العربية السعودية ومعظم دول العالم إلا بريطانيا ودول الكمونويلث. تكون الدراسة الجامعية في النظام الأمريكي غالباً من أربعة سنوات، بالإضافة لسنة أو فصل دراسي تحضيري أو دراسة اللغة الإنجليزية. يعتمد النظام الأمريكي على تحضير الطالب للعمل فور تخرجه. فغالباً ما يكون هناك فصل أو سنة للتطبيق أو العمل التعاوني كجزء من خطة التخرج.
أما النظام البريطاني فيعمل به في بريطانيا، ودول الكمونويلث ومنها أستراليا، نيوزيلاندا، الهند، وباكستان. وفي هذا النظام عادة ما تكون الدراسة الجامعية من ثلاث سنوات، بالإضافة لسنة أو فصل تحضيري. ويعتمد النظام البريطاني على استيعاب الطالب وفهمه للمادة العلمية، ليستطيع مواصلة التعلم ومواكبة التطورات في تخصصه بعد تخرجه. غالباً مايكون هناك الكثير من البحوث والتقارير الأكاديمية والتي يتوجب على الطالب انجازها للتخرج.
ولاحظ أن معظم الشركات السعودية الكبيرة تشترط أن تكون مدة الدراسة أربعة سنوات، أو ثلاثة سنوات بالإضافة لخبرة عملية. بالنسبة لخريجي النظام البريطاني يمكنهم التغلب على هذه المشكلة بالحصول على درجة البكالوريس الشرفية، وتحصل عليها من خلال دراسة سنة دراسية إضافية في الجامعة.

فرص العمل

عندما تفكر في فرص العمل يجب أن تبحث الفرص من زاويتين:
  • طبيعة وجو العمل العام لتخصصك.
  • المجالات البديلة للعمل.
أقصد بطبيعة وجو العمل العام، مجال ومكان العمل لمعظم الخريجين من تخصصك. لا تكن نظرتك مقصورة لأول وظيفة قد تستلمها فور تخرجك، بل فكر فيها وفي مجال العمل بعد خمس وعشر وعشرين سنة من تخرجك. فمثلاً، حين تتخرج كمهندس قد يطلب منك العمل في مصنع في منطقة نائية، لكن بعد خمس سنوات قد تُنقل إلى أحد الفروع الرئيسية وتتغير طبيعة عملك، وكذلك بعد خمس سنوات أخرى.
من المهم أن تتأكد من مناسبة مجال عملك مع ميولك الشخصية وطبيعة حياتك. فأنت ستدرس وتتخرج خلال خمس سنوات تقريباً، وثم ستعيش مع تخصصك لبقية حياتك.
أيضاً قد يكون من الجيد التفكير في المجالات البديلة، أي المجالات التي قد تحتاج للتوجه إليها إن لم تنجح خطتك الرئيسية. فقد تود العمل لدى شركة مثلاً، ولكن عند تخرجك تجد أن سوق العمل ممتلئ بالخريجين، فما ستعمل حينها. فكر بمجالات العمل الفردية إن كانت ممكنه للمتخصصين في مجالك، وماهي المتطلبات. قد تحتاج للخبرة، أو الحصول على دورة إضافية، سيكون من الممتاز إن عرفت عنها وبدأت فيها مبكراً، أثناء سنوات دراستك الجامعية حتى.
سنواصل الحديث بمشيئة الله تعالى لاحقاً، حتى ذلك الحين دمتم بود!